للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُهيأ ولم يذلل الوصول إليها، ومع ذلك وقعت البدع والشركيات من التمسح والتبرك والدعاء، فإن لم تُزل، فنقول في أقل أحوالها أن تُهمل وتترك ولا يُعتنى بها، حتى تندرس، وتختفي معالمها؛ لأن العناية بها موصلٌ إلى تعظيمها، وتهيئتها، وتذليل الوصول إليها نوع من الإقرار بما يحصل عندها من شركيات.

فإحياء الآثار بالعناية والاهتمام، وتذليل الوصول إليها جرثومة الشرك ووسيلة توصل إليه لا محاله، وإهمالها وعدم إحيائها سدًّا لذريعة الشرك ووسائله: هو أمرٌ مطلوبٌ شرعًا.

وأما إحياء آثار المقامات المكانية بالعلم والدراسة، يختلف عن إحيائها بالعناية بها وترميمها وتهيئة الوصول إليها وزيارتها، فالفارق بينهما كبير، من جهة أن إحياءها بالعلم والمعرفة والدراسة لا يصحبها إبراز حسي مرئي، وإنما هو إبراز علمي مروي (١).

حيث إن الآثار المروية وقعها وأثرها على النفوس الضعيفة أقل بكثير من وقع وأثر الآثار المُشاهدة المحسوسة؛ فجاء المنع من إبرازها؛ لأن تعلّق النفوس بها أكثر، والغلو بها وارد غالبًا من اعتقاد فضل المكان وبركته.

كما قال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: والآثار المطلوب إحياؤها في عرف أهل العلم هي ما ثبت عن الرسول من أحاديثه الشريفة التي حثَّنا على روايتها وحفظها والمحافظة عليها والعمل بها وتبليغها للناس.

ولم يأمرنا بتتبُّع البقاع والمباني التي سكنها أو جلس فيها وبنائها والعناية بها، وإنما حدث هذا بعد القرون المفضلة لما فشا في المسلمين الجهل والابتداع والتخلّف والتشبه بالأمم الأخرى.

فالواجب على المسلمين أن يهتموا بإقامة دينهم والعناية بسنة رسولهم، وأن يبتعدوا عما يخالف ذلك، كما يجب عليهم الدفاع عن رسولهم وكتابهم ضد هجمات الكفار والمشركين.


(١) سبق الإشارة إلى هذا الأمر (٩٠).

<<  <   >  >>