للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عتوًّا ونفورًا (١).

فخلّد الله ذكره في القرآن الكريم، وذُكرت قصته في كثير من السور (٢)، وسميت سورة من المفصل باسمه «سورة نوح»، وذُكر أيضًا بآيات مع ذكر الأنبياء، وذكر قومه مع مجمل الأمم في سور أُخر (٣).

رُوي عن جماعة من السلف أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون (٤) كلهم على ملة الحق، وأن الكفر بالله إنما حدث في القرن الذين بُعث إليهم نوح (٥).

حيث كان قبل بعثة نبي الله نوح رجالٌ صالحون لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا، زيّن الشيطان لأتباعهم الذين كانوا يقتدون بهم، أن يحيوا آثارهم ويصوروا صورهم، ثم نصبوا في مجالسهم التي يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم: ودًّا وسواعًا ويغوثَ ويعوقَ ونسرًا؛ لتُذكرهم بهم وينشطوا على الطاعة إذا رأوها بزعمهم، وتكون عونًا لهم على عبادة الله، ففعلوا ولم تعبد في أول الأمر، لكن لما مات أتباعهم، ثم طال الأمد، ونُسي العلم، وقلّ التوحيد، وجاء آخرون، دب إليهم إبليس وقال لهم: إن أسلافكم إنما كانوا يعبدونهم، ويتوسلون إليهم، وبهم يسقون المطر، فأطاعوه


(١) يُنظر: جامع البيان (١٢/ ٣٩٤)، تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (٤/ ٣٢١)، البداية والنهاية (١/ ١١٢ - ٣٥٥).
(٢) ذكرت قصة نوح وقومه في سورة: الأعراف (٥٩ - ٦٤)، يونس (٧١ - ٧٣)، هود (٢٥ - ٤٩)، الأنبياء (٧٦ - ٧٧)، المؤمنون (٢٣ - ٣٠)، الشعراء (١٠٥ - ١٢٢)، العنكبوت (١٤ - ١٥)، الصافات (٧٥ - ٨٢)، القمر (٩ - ١٧).
(٣) يُنظر: سورة آل عمران (٣٣)، النساء (٦٣)، الأنعام (٨٤)، التوبة (٧٠)، إبراهيم (٩)، الإسراء (٣)، مريم (٥٨)، الحج (٤٢)، الفرقان (٣٧)، الأحزاب (٧)، سورة ص (١٢)، غافر (٥ - ٣١)، الشورى (١٣)، سورة ق (١٢)، الذاريات (٤٦)، النجم (٥٢)، الحديد (٢٦)، التحريم (١٠).
(٤) عشرة قرون: المراد بالقرن الجيل أو المدة على ما سلف، قال الحافظ ابن كثير: المراد بالقرن مائة سنة، فبينهما ألف سنة لا محالة. يُنظر: الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد (٢٠/ ٤٠ - ٤١).
(٥) تاريخ الأمم والملوك، للطبري (١/ ١١١).

<<  <   >  >>