للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبرهانًا ساطعًا، فآمن جماعة منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وعنادهم.

فقال لهم نبي الله صالح : ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً﴾ [هود: ٦٤] (١).

فلما خرجت الناقة بهذه الكيفية العجيبة، الخارقة للعادة؛ تلبية لطلبهم بأن يُخرج لهم آية بصفات معينة، لزمهم تجاه ظهور هذه الآية لوازم، وأمرهم نبي الله صالح بعدة أمور: (٢)

١ الإيمان بالله وحده، وترك عبادة ما سواه، لقوله: ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً﴾ [الأعراف: ٧٣].

٢ تقسيم الماء بينهم وبين الناقة، فلهم يوم وللناقة يوم؛ لقوله: ﴿هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ *﴾ [الشعراء].

٣ عدم المساس بالناقة بأي سوء، منذرًا لهم بأن أي مساس للناقة بسوء يستدعي العذاب القريب العظيم الأليم، لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ *﴾ [هود]، وفي موضع: ﴿عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ *﴾ [الشعراء]، وفي موضع آخر: ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ *﴾ [الأعراف].

فبقيت هذه الناقة بين أظهرهم، ترعى حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يومًا بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم (٣).

ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ واصْطَبِرْ *﴾ [القمر]؛ أي: اختبارًا لهم أيؤمنون بها أم يكفرون؟ …

فلما طال عليهم هذا الحال اجتمع ملأهم، واتفقوا على أن يعقروا هذه الناقة، ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم (٤).


(١) يُنظر: صحيح قصص الأنبياء، لابن كثير، تحقيق سليم الهلالي (٩٤ - ٩٥).
(٢) يُنظر: أسباب هلاك الأمم السالفة (٣٩٩ - ٤٠٤).
(٣) صحيح قصص الأنبياء، لابن كثير، تحقيق سليم الهلالي (٩٥) بتصرف.
(٤) المرجع السابق (٩٥).

<<  <   >  >>