للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال الله تعالى حكاية عن فعلهم: ﴿فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ *﴾ [الأعراف]، وقال : ﴿فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ *﴾ [هود]، عقر الناقة أشقاهم بموافقتهم جميعًا؛ لأجل ذلك نُسب الفعل إليهم كلهم (١).

ولم يقفوا إلى هذا الحد من الطغيان والعتو؛ بل تجاوز الأمر إلى أشنع من ذلك.

ففي أثناء مدّة الثلاثة أيام، اجتمع الرهط التسعة الذين قال الله فيهم: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ *﴾ [النمل]، وتآمروا على قتل نبيّهم وكتموا أمرهم؛ خشية أن يمنعهم أهل بيت نبي الله صالح ؛ لأنه كان في بيت عز وشرف (٢).

كما قال تعالى عن مؤامرتهم: ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ *وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ *فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ *﴾ [النمل]، فدبروا هذا المكر العظيم، فحين كمنوا في أصل جبل؛ لينظروا الفرصة في قتل نبي الله صالح ، أنزل الله العقوبة بهم؛ ليكون هلاكهم سلفًا مقدمًا لقومهم إلى نار جهنم، فأرسل الله صخرة من أعلى الجبل فرضختهم وشدختهم، وقتلوا أشنع قتلة (٣).

ثم لما تمت الثلاثة أيام، جاءتهم الصيحة (٤) من فوقهم، والرجفة (٥) من تحتهم، وصعقوا، ففاضت الأرواح، وزهقت النفوس، وأصبحوا في ديارهم


(١) يُنظر: المرجع السابق (٩٦).
(٢) يُنظر: تيسر الكريم الرحمن، لعبد الرحمن السعدي (٢٩٤ - ٣٨٤ - ٦٠٦).
(٣) المرجع السابق.
(٤) الصيحة: الصوت الشديد المرتفع. المفردات، للأصفهاني (٤٩٦).
(٥) الرَّجْفَةُ: الزلزلة الشديدة التي ينال معها الإنسان اهتزاز وارتعاد واضطراب. المحرر الوجيز، لأبي بكر الأندلسي (٢/ ٤٢٩).

<<  <   >  >>