للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فطلبوا من لوط الإتيان بالعذاب إن كان صادقًا في رسالته، ومصيبًا في إنكاره عليهم فعل الفاحشة (١).

كما قال تعالى: ﴿أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ *قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ *﴾ [العنكبوت].

فلما أراد الله أن ينصر رسوله ، ويهلكهم أرسل الملائكة إلى لوط بصورة أضياف آدميين شباب، فساء لوطًا ذلك؛ لعلمه بما عليه قومه من جرأة شنيعة، فوقع ما خاف منه (٢).

فقال الله تعالى في وصف حاله : ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ *وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَال ياقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ *قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ *﴾ [هود].

ويُروى أن لوطًا أغلق الباب حتى لا يصل قومه إلى أضيافه، وهو يعظهم وينهاهم من وراء الباب، وهم يرومون فتحه، وولوجه في إلحاح وإلعاج (٣)، كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير (٤).

فلما ضاق الأمر وعسر الحال قال لوط لهم: ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ *قَالُوا يالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ *﴾ [هود].

وقال تعالى في موضع آخر عن العذاب المعجل لمن باشروا مراودة أضياف لوط : ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ *﴾ [القمر].


(١) يُنظر: أسباب هلاك الأمم السالفة (٢٢٦).
(٢) يُنظر: تيسير الكريم الرحمن، لعبد الرحمن السعدي (٣٨٦).
(٣) إلعاج: اتقاد الشهوة وثورانها. يُنظر: حاشية صحيح قصص الأنبياء، لسليم الهلالي (١٦٨).
(٤) يُنظر: صحيح قصص الأنبياء، لابن كثير، تحقيق سليم الهلالي (١٦٨).

<<  <   >  >>