للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن كثير : فخرج إليهم جبريل فضرب وجوههم خفقة، فطمس أعينهم، فرجعوا يتحسسون الحيطان، ويتوعدون رسول الرحمن (١).

وبعدما خرج لوط بأهله ليلاً باستثناء امرأته، وخلصوا من بلادهم، وجاء الصبح، وطلعت الشمس، وحان موعد العذاب، جاءهم من أمر الله ما لا يُرد، ومن البأس الشديد ما لا يمكن أن يُصد (٢).

قال تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ *﴾ [الحجر]، وقال تعالى في موضع آخر: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ *مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ *﴾ [هود].

اقتلع جبريل بطرف جناحه أراضي تلك المنطقة من أصولها بمن فيها من القوم المعذبين، ومن معهم من حيوانات، فرفع الجميع إلى عنان السماء، حتى سمعت الملائكة التي في السماء أصوات ديكتهم، ونباح كلابهم، ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها (٣).

وبعد قلب ديارهم أتبعهم بحجارة صلبة شديدة قوية، متتابعة، مرقومة على كل حجر اسم صاحبه الذي تسقط عليه فتدمغه (٤).

فعذبوا بأنواع من أشدّ العذاب لم يعذب بها أمة غيرهم، فجمع لهم بين الهلاك بطمس الأبصار، والصيحة، وقلب ديارهم عليهم بأن جعل عاليها سافلها، والرجم بالحجارة من السماء، والخسف بهم إلى أسفل سافلين (٥) نسأل الله السلامة والعافية.

فالعذاب عمّ الجميع: الفاعلين للفاحشة، والراضين عن المنكر، والساكتين عنه (٦)، فأبيدوا عن آخرهم، وبقيت قصتهم عبرة للمعتبرين.


(١) المرجع السابق.
(٢) يُنظر: صحيح قصص الأنبياء، لابن كثير، تحقيق سليم الهلالي (١٦٩).
(٣) يُنظر: المرجع السابق.
(٤) يُنظر: المرجع السابق (١٦٩ - ١٧٠).
(٥) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٦/ ٢٥٠) بتصرف.
(٦) يُنظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (٧/ ٢٤٣).

<<  <   >  >>