للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومصر فرعونية، ولبنان فينيقية، ونحو ذلك (١).

حتى انجرف ولاء بعض المسلمين لها شيئًا فشيئًا، وأصبح من الشعوب المسلمة من يفتخر بانتمائه الجاهلي أكثر من اعتزازه بالإسلام، ثم يتحول ذلك إلى صراع وعصبية بين القوميات، فهذه قومية فرعونية، وتلك بابلية والأخرى فينيقية وغيرها من القوميات الجاهلية (٢).

فصار إحياء الآثار القديمة في أرض الإسلام وبلاد المسلمين تحقيقًا لخطط الأعداء، الذين يسعون جاهدين لإقناع كل دولة مسلمة بأن لها كيانًا قائمًا بذاته منذ أقدم العصور، والعمل على جعل مناط الولاء والبراء هو الانتماء إلى الثقافات التي يُلحق بها الاكتشاف الأثري (٣)، الذي به يتحقق إحياء القوميات الوثنية والجاهلية بين المسلمين.

فظاهر دعواهم إحياء الآثار، والمحافظة عليها؛ لمعرفة التاريخ القديم لكل إقليم، وإبراز الحضارات العريقة له، والتقدّم والتطور العلمي الذي كانوا يتحلون به، ومن ثم عرضها في المتاحف، واستثمارها ماديًّا واقتصاديًّا.

وباطنها إحياء الشرك والوثنية التي يعيشها الكفار ليل نهار، وتحقيق أهداف خفية خبيثة من الاستيلاء على الأراضي، أو إحياء النعرة العرقية بين المسلمين؛ حتى يتفرقوا فتنشأ بينهم العصبيات القومية، والجاهلية، والعداوات، والحروب، وتتحقق مطامعهم في الشرق الإسلامي.

وللأسف تحقق قدر كبير من أهدافهم بنبش عمق الأراضي؛ لاستخراج الآثار، والنظر في تاريخ الأقاليم، فأصبح كلٌّ منهم يفخر بتاريخه الجاهلي الوثني متناسيًا انتماءه للإسلام الذي ينافي الوثنية والجاهلية وينقضها.

كفخر بعض المصريين بأنهم أحفاد الفراعنة، وبعض اللبنانيين بأنهم أحفاد الفينيقيين، وبعض العراقيين بأنهم أحفاد البابليين وغيرهم (٤).


(١) يُنظر: براءة الصحابة الأخيار من التبرك بالأماكن والآثار (٦٣٦).
(٢) تهافت العلمانية في الصحافة العربية، للبهنساوي (١٧٥).
(٣) يُنظر: دور أهل الذمة (٣٤٥).
(٤) يُنظر: براءة الصحابة الأخيار (٦٣٦)، دور أهل الذمة (٣٤٣).

<<  <   >  >>