للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من باب الاحتراز والحذر والتحذير منها، فإذا عرفها المسلمون؛ أصبح لديهم منعة وحصانة؛ لتجنبها، وأما إذا جهلوها يُخشى عليهم من العودة إلى الشرك والافتتان به (١).

كما قال بعض السلف: يوشك أن تنقض عرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية (٢).

وأيضًا كما قيل:

عَرَفتُ الشَرَّ لا لِلشَّر لَكِن لِتَوَقّيهِ

وَمَنْ لَم يَعرِفِ الشَّرَّ مِنَ الخَيرِ يَقَع فيهِ (٣)

ومن جهة أخرى إذا عُرفت الجاهلية، عُرف في المقابل فضل الإسلام (٤)، وكما قيل:

الضِّدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِّدُّ

وبِضِدِّها تتبيّنُ الأشياءُ (٥)

ولكن قد يظن بعض الناس أن الشرك قد زال وأنه لا رجعة له بسبب انتشار العلوم واستنارة العقول بها، وأن جناب التوحيد محمي ولا تضره وسائل الشرك!

وهذا ظن باطل، إذ إن الواقع يخالفه، والشرك على اختلاف أنواعه ومظاهره لا يزال ضاربًا أطنابه في أكثر بقاع الأرض، ولا سيما في بلاد الغرب عقر دار الكفر، ومن أبرز ما يظهر للعيان انتشار التماثيل بينهم، وإن مما يُؤسَفُ له أن هذه الظاهرة قد أخذت تنتشر رويدًا في بعض البلاد


(١) يُنظر: شرح مسائل الجاهلية، لصالح الفوزان (١٥ - ١٦).
(٢) يُنظر: منهاج السُّنَّة النبوية، لابن تيمية (٢/ ٣٩٨).
(٣) ديوان أبي فراس الحمداني (٣٥٢) بتصرف يسير.
(٤) يُنظر: شرح مسائل الجاهلية، لصالح الفوزان (١٦).
(٥) يكثر تداول هذين البيتين مع أنهما ملفقين، وهما عبارة عن شطرين كل شطر لشاعر مختلف.
فقوله: «فالضد يظهر حسنَه الضدُّ» هذا بيت للمنبجي من قصيدته «اليتيمة».
أما قوله: «وبضدها تتبين الأشياء» فهذا بيت للمتنبي في قصيدة يُثني بها ويمدح أحد المتنسكة الذين مالوا إلى التصوف نسأل الله السلامة والعافية. يُنظر: الوساطة بين المتنبي وخصومه، للجرجاني (٢٧٨)، المنصف للسارق والمسروق منه، لابن وكيع (٥٨٤)، شرح ديوان المتنبي، للعكبري (١/ ٢٢). وقد نبه وألمح لهذا الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه مسائل الجاهلية.

<<  <   >  >>