للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كونهم سموها ذات أنواط. فالمشرك مشرك وإن سمى شركه ما سماه، كمن يسمي دعاء الأموات والذبح والنذر لهم ونحو ذلك تعظيمًا ومحبة، فإن ذلك هو الشرك وإن سماه ما سماه. وقس على ذلك (١).

ونقيس على ذلك إحياء الآثار الوثنية والجاهلية، حتى وإن سموها بإحياء آثار الحضارات، وبتاريخ مجد الأمم فسيبقى أصلها الجاهلي الوثني.

فالعبرة بالمعاني والحقائق، كما هو معلوم عند كل عاقل: أن حقائق الأشياء لا تتغير بتغير أسمائها، فالشرك إنما حرم لقبحه في نفسه، وكونه متضمنًا مسبة الرب وتنقصه، وتشبيهه بالمخلوقين؛ فلا تزول هذه المفاسد بتغيير اسمه (٢).

وللتفصيل في إطلاق الحكم فإن الآثار الوثنية والجاهلية، لها حالات، منها (٣):

١ ثابتة كالمعابد وغيرها من أماكن التعبّد في الجاهلية فقد جاء الأمر بطمسها وإتلاف معالمها حفاظًا على العقيدة من الموروث الجاهلي الذي يجرّ إلى الشرك.

كما قال ابن القيم : لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها، وإبطالها يومًا واحدًا؛ فإنها شعائر الكفر والشرك، وهي أعظم المنكرات، فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة ألبته، … لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض، مع القدرة على إزالته، وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، أو أعظم شركًا عندها وبها، والله المستعان (٤).

٢ متحركة ومنقولة: كالأوثان والأصنام والنصب، فقد جاء الأمر بإتلافها، وتكسيرها وإزالة معالمها (٥).


(١) فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن (١٤٠).
(٢) يُنظر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية، عبد الله أبابطين (١/ ٥).
(٣) يُنظر: حكم إحياء الآثار والعناية بأمور الجاهلية وشخصياته، لصالح الفوزان (١١).
(٤) زاد المعاد في هدي خير العباد (٣/ ٤٤٣).
(٥) يُنظر: صحيح البخاري، كتاب الحج، باب من كبر في نواحي الكعبة (٢/ ١٥٠/ ح ١٦٠١).

<<  <   >  >>