للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استشفاعهم وتوسلهم به في حال حياته، فإنهم يطلبون منه يوم القيامة أن يشفع لهم إلى الله تعالى كما كانوا في الدنيا يطلبون منه أن يدعو لهم في الاستسقاء وغيره.

٢ إن كان طلب الشفاعة بعد موته ؛ أي: في حال الحياة البرزخية فهذا لا يجوز بل هو من البدع المحدثة، والعقائد المنكرة، ولا دليل عليه، لا من كتاب ولا سُنّة ولا فعل الصحابة والتابعين من سلف الأمة وأئمتها ، وعليه لا يصح الاستدلال بهذا على جواز التوسل؛ إذ كلا الأمرين لا يجوز ولا دليل عليهما.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه عن التوسلات التي تحصل عند القبر، وفيمن أطلق لفظ التوسل على الشفاعة: العامة الذين يستعملون لفظ الشفاعة في معنى التوسل، فيقول أحدهم: اللَّهُمَّ إنا نستشفع إليك بفلان وفلان؛ أي: نتوسل به. ويقولون لمن توسل في دعائه بنبي أو غيره قد تشفع به من غير أن يكون المستشفع به شفع له ولا دعا له؛ بل وقد يكون غائبًا لم يسمع كلامه ولا شفع له وهذا ليس هو لغة النبي وأصحابه وعلماء الأمة؛ بل ولا هو لغة العرب فإن الاستشفاع طلب الشفاعة. والشافع هو الذي يشفع السائل فيطلب له ما يطلب من المسؤول المدعو المشفوع إليه.

وأما الاستشفاع بمن لم يشفع للسائل ولا طلب له حاجة بل وقد لا يعلم بسؤاله فليس هذا استشفاعًا لا في اللغة ولا في كلام من يدري ما يقول: نعم هذا سؤال به ودعاؤه ليس هو استشفاعًا به. ولكن هؤلاء لما غيروا اللغة كما غيروا الشريعة وسموا هذا استشفاعًا؛ أي: سؤالاً بالشافع صاروا يقولون استشفع به فيشفعك؛ أي: يجيب سؤالك به وهذا مما يبين أن هذه الحكاية وضعها جاهل بالشرع واللغة (١).


(١) مجموع الفتاوى (١/ ٢٤٢).
فائدة عن الفرق بين التوسل والوسيلة والمتوسِّل: يقول الشيخ عبد العزيز بن باز : الفرق بين التوسل، والوسيلة، والمتوسِّل هو أن: التوسل: دعاء المسلم، والوسيلة: الإيمان والتقوى والأسماء الحسنى والأعمال الصالحة. والمتوسِّل المسلم، فالتوسل دعاؤه، والوسيلة ما دعا به. اه .. فتاوى نور على الدرب (١/ ١٣٠).

<<  <   >  >>