[[كان أهل الكتاب أبخل الناس بعلمهم في زمن النبي ﷺ]]
لنستنطق القرآن الذي رضيه الملحدون حكمًا بيننا وبينهم، فإنه يكفينا مؤونة الجواب عن هذا السؤال، وها هو ذا يقول لنا: إنهم كانوا في سبيل الضنِّ بكتبهم وعلومهم لا يتورعون عن منكر، فكانوا تارة ﴿يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ [البقرة: ٧٩]، وتارة ﴿يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٧٨]، وتارة ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ [المائدة: ١٣]، وتارة يبترون الكتب فيظهرون بعضها ويخفون بعضها ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾ [الأنعام: ٩١]، وتارة يحاجون بمحفوظهم فإذا قيل لهم: ﴿فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ٩٣]، بُهتوا؛ فلم يجيبوا، وربما جاءوا بها فقرؤوا ما قبل الشاهد وما بعده وستروا بكفهم مكان النص المجادل فيه، كما وقع في قصة الرجم.
(١) انظر: صحيح البخاري: (٦/ ٣٧)، وأورد في الباب عن عبد الله بن عمر ﵄: (أن اليهود جاءوا إلى النبي ﷺ برجل منهم وامرأة قد زنيا، فقال لهم: «كيف تفعلون بمن زنى منكم؟» قالوا: نحممهما ونضربهما، فقال: «لا تجدون في التوراة الرجم؟» فقالوا: لا نجد فيها شيئًا، فقال لهم عبد الله بن سلام: كذبتم فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فوضع مدراسها الذي يدرسها منهم كفه على آية الرجم فطفق يقرأ ما دون يده، وما وراءها ولا يقرأ آية الرجم، فنزع يده عن آية الرجم، فقال: ما هذه؟ فلما رأوا ذلك قالوا: هي آيةُ الرجم، فأمر بهما فرجما قريبًا من حيث موضع الجنائز عند المسجد، فرأيت صاحبها يحني عليها يقيها الحجارة)، (٤٥٥٦).