الحمد لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب، هدى وذكرى لأولي الألباب، والصلاة والسلام على النبي الأوَّاب، مبلِّغ الكتاب، وعلى الآل والأصحاب، صلاة تدوم إلى يوم الحساب، ويكون لنا بها عند الله زلفى وحسن مآب، وبعد:
لقد ترك العلامة د. دراز ﵁ كتبًا متنوِّعة، غير أنَّ أشهرها هو «النبأ»، وظل الكتاب هو المعرِّف بدراز، ولا تزال الأجيال جيلًا بعد جيل تعرف درازًا من خلال «النبأ»، وقد يكتفون به، وقد يلجون إلى عبقرية «دراز» من خلاله.
ولا نبالغ لو قلنا: إن الكتاب مفخرة من مفاخر عصرنا في التأليف.
ولنا أن نبحث عن سرِّ تميز الكتاب، وبلوغه هذه المنزلة، ولا شك أن لارتباط الكتاب بالقرآن المجيد المحفوظ، مع إخلاص صاحبه، فيما نحسب، أثرٌ في انتفاع الناس به، وبعد ذلك نقول:
أولًا: إن لشخصية الرجل، وارتباطه الدائم بالقرآن الكريم أثرٌ عظيم في كتابة كتابه، لقد كان الرجل يقرأ (ستة أجزاء من القرآن يوميًّا!)، كان الأليف المألوف، والمحبُّ العطوف، يرشد بمحبته كما يبين بحجته، كان ذا شخصية زاهدة هادئة، وإيمان قوي عميق، عزوفًا عن الدنيا ومباهجها، معرضًا عن المادة ومفاتنها، شاغلًا نفسه بالباقيات الصالحات، فكنت لا تراه إذا اختلى بنفسه إلا ذاكرًا لله، أو تاليًا لكتابه (١).