للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: كيف جمع نص التنزيل الحكيم؟]

[[جمع القرآن]]

نزل القرآن كأجزاء متفرقة، تتباين أطوالها من سورة كاملة إلى آية واحدة، وأحيانًا إلى جزء من الآية، وكان الناس ينتظرون الوحي بشغف، ويمنون أن يتلقوه فور نزوله.

وكان أعداء القرآن يتلقونه كذلك، لكن تلقيهم كان للبحث عن نقاط الضعف فيه، أو لإشباع حاجتهم الملحة في التذوق الأدبي.

ولم يقتصر القرآن في تلك المرحلة على كونه مجموعة من الآيات تتلى وتقرأ، وإنما كان كتابًا مدونًا بالمداد، فقد كان للوحي كتبته، يكتبونه على أي شيء كان في متناول أيديهم، ولكن العهد النبوي مضى، ولم يكن هناك نسخة تامة من القرآن.

وحتى تتاح الفرصة لسور القرآن لكي يتم بناؤها التدرجي، كان ينبغي الانتظار إلى أن يكتمل الوحي كله لإخراج نسخة تامة، غير أن هذا لم يحل بين المؤمنين وبين المعرفة الشفوية لموضع كل آية جديدة من كل سورة على وجه التحديد، وفي كل مرحلة من مراحل نزول الوحي.

تم جَمع القرآن كوحدة واحدة في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق، ثم أعيد الجمع في عهد عثمان، وقد ظن بعض الشيعة أن عثمان قد بدل في نص القرآن، أو أنه أسقط شيئًا يتعلق بعلي بن أبي طالب، فلو صح ذلك لراجعه حملة القرآن، وما أكثرهم في وقت نشر مصحف عثمان.

وحتى ابن مسعود أقر بصحة مصحف عثمان، مع مخالفته السياسية حينذاك، ويستحيل أن نعلل قبول الكافة لمصحف عثمان بأنه انقياد غير متبصر من جهتهم، وقد عد هذا الدليل أقوى دليل على أن النص القرآني على «أحسن صورة

<<  <   >  >>