للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذ كان تداعي المعاني يسوقنا من الحديث عن القتلى إلى الحديث عمن هم بشرف الموت، ناسب تتميم الكلام ببيان ما يجب على المحتضر من الوصية لأقاربه برًّا بهم (الوصية: ١٨٠ - ١٨٢).

* الصبر في الضراء:

وكذلك سيختار الله لنا من أبواب الصبر في الضراء أعلاها: ليس الصبر على الأمراض والآلام بإطلاق، ولكنه الصبر على الظمأ والمخمصة في طاعة الله (الصوم: ١٨٣ - ١٨٧) .. ، وينساق الحديث من الصوم المؤقت عن بعض الحلال، إلى الصوم الدائم عن السحت والحرام (١٨٨).

* الصبر في البأساء:

وعلى هذا النمط نفسه، سنرى الصبر في البأساء هنا ليس هو ذلك الصبر الاضطراري على الفقر والأزمات المالية والجوائح السماوية، ولكنَّه الصبر الاختياري على التضحية بالأموال؟ إنفاقًا لها في سبيل الله، والمثال الذي يختاره التنزيل الحكيم هنا مثال مزدوج (١)، ينتظم الصبر في البأساء والضراء جميعًا؛ إذ يجمع بين الجهاد بالنفس والجهاد بالمال (الحج إلى بيت الله: (١٨٩ - ٢٠٣).

ولا تنسَ ها هنا أن تنظر إلى المعبرة اللطيفة التي انتقل بها الحديث من الصوم إلى الحج .. تلك هي مسألة الأهلة التي جعلها الله مواقيت للصوم وللحج جميعًا (١٨٩).

ولنقف بك ها هنا وقفة يسيرة، نشير فيها إلى شأن عجيب من شؤون النسق القرآني في هذا الموضع:

ذلك أنه حين بدأ بذكر الحج، لم تتصل به أحكامه ولاءً، بل فصل بين الشروع في الحديث عنه وحكمه (٢) بست آيات في أحكام الجهاد بالنفس والمال


(١) بل إن شئت قلت: إنه مثلث الألوان؛ لأنه سيدخل في ثناياه الصبر حين البأس في مجاهدة أعداء الله (١٩٠ - ١٩٥).
(٢) في نسخة: (بل فصل بين اسمه وحكمه بست آيات). (عمرو)

<<  <   >  >>