للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأئمة الأشاعرة نصوص كثيرة في إثبات قطعية النص القرآني، وتكفير مَنْ يُنكر شيئًا منها، ومن ذلك قول الحليمي (ت: ٤٠٣): «مَنْ أجاز أن يتمكن أحد من زيادة شيء في القرآن، أو نقصانه منه، أو تحريفه، أو تبديله؛ فقد كذَّب الله في خبره، وأجاز الوقوع فيه، وذلك كفر» (١).

* * *

وسائر الفرق الإسلامية على هذا الرأي، فقد عُرف عن الخوارج تعظيمهم البالغ لكتاب الله، ومواظبتهم على قراءته، والتعبد به، وصحيح أنه شابَ هذا التعظيم غلو وسوء فهم أدى بهم إلى ما وصلوا إليه من ابتداع وضلال، لكنه لا يؤثر على تعظيمهم للقرآن، واعتقادهم عدم تحريفه، وقد أشار ابن تيميَّة (ت: ٧٢٨) إلى أن الخوارج يُعَظِّمون القرآن، ويُوجِبُون اتِّبَاعه (٢).

* * *

ثالثًا: موقف الرافضة من القرآن الكريم.

[موقف الرافضة من القرآن الكريم]

قبل البدء في بيان هذه المسألة، يحسن بنا أن نعرف أن الاتجاه الشيعي الإمامي ينقسم من حيث المنهج إلى اتجاهين: الاتجاه الأخباري، والاتجاه الأصولي:

فالأخبارية هم: من يعتمد في استنباط الأحكام على الأخبار فقط، كما يعرفهم بذلك شيخ الأخباريين المتأخرين الإسترآبادي (٣).

أي: إنَّه اتجاه يعتمد على النقل فقط، ولا يرى للعقل مكانًا واعتبارًا.

والأصوليون هم: «الذين يلجؤون في مقام استنباط الأحكام إلى الأدلة


(١) المنهاج في شعب الإيمان: (١/ ٣٢٠).
(٢) التسعينية، ضمن الفتاوى الكبرى: (٥/ ١٥٢).
(٣) انظر: الفوائد المدنية، الإسترابادي: (٤٧، ٤٨، ٩١)، ونظرية السنة في الفكر الإمامي، حيدر حب الله: (٢١٦)، ومصادر التلقي والاستدلال العقدية عند الإمامية الاثني عشرية، إيمان العلواني: (١/ ٤٤).

<<  <   >  >>