ويُلمِح هذا الأصل الأول بكون كل واحد من اللقبين ملاحظًا فيه وصف الجمع، إما على معنى اسم الفاعل أو اسم المفعول، فيكون معناه (الجامع) أو (المجموع)، وهذا اللقب لا يعني فقط أن هذا المسمى جامع للسور والآيات، أو أنه مجموع تلك السور والآيات، من حيث هي نصوص مؤلفة على صفحات القلوب، أو من حيث هي نقوش مصفوفة في الصحف والألواح، أو من حيث هي أصواتٌ مرتَّلة منظومةٌ على الألسنة، بل يعني شيئًا أدق من ذلك كله، وهو أن هذا الكلام قد جمع فنون المعاني والحقائق، وأنه قد حشدت فيه كتائب الحكم والأحكام، فإذا قلت: الكتاب أو القرآن، كنت كأنما قلت (الكلام الجامع للعلوم) أو (العلوم المجموعة في كتاب). وهكذا وصفه الله تعالى إذ أخبر بأنه نزله: ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [سورة النحل: ٨٩] وكذلك وصفه النبي ﷺ حيث قال: «فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم» *. * الحديث: أخرجه الدارمي: (٣٣٧٤)، والترمذي: (٢٩٠٦)، وهو ضعيفٌ. يقول ابن كثير: «وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين عليٍّ ﵁، وقد وهم بعضُهم في رفعه، وهو كلام حسنٌ صحيحٌ»، فضائل القرآن: (٤٦). (عمرو)