للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم، إن كنت لا تفرق بين كلام وكلام فهذه شهادةٌ حسبُك من شهادة، وناهيك أنها شهادة أهل اللغة أنفسهم، بل شهادة الأعداء لعدوهم.

وإذا لم تر الهلال فسلم .. لأناسٍ رأوه بالأبصَار

[[سبيل إدراك آية القرآن، وبرهان صدقه لمن يميز بين مراتب الكلام]]

وأمَّا إن كنتَ قد أوتيت حظَّك من معرفة فروق الكلام والمَيزِ بين أساليبه فاقرأ ما شئت من خطب العرب وأشعارها، وحكمها وأمثالها، ورسائلها ومحاوراتها، متتبعًا في ذلك عصور الجاهلية والإسلام على اختلاف طبقاتها، ثم افتح صفحة من هذا الكتاب العزيز وانظر ماذا ترى؟

أسلوبٌ عجب، ومنهجٌ من الحديث فذٌّ مبتكر، كأن ما سواه من أوضاع الكلام منقول، وكأنه بينها على حد قول بعض الأدباء: (وضع مرتجل) لا ترى سابقًا جاء بمثاله، ولا لاحقًا طبع على غِراره، فلو أن آية منه جاءتك في جمهرة من أقوال البلغاء لدلت على مكانها، واستمازت من بينها، كما يستميز اللحن الحساس بين ضروب الألحان، أو الفاكهة الجديدة بين ألوان الطعام.

* * *

[علوُّ مرتبة البيان القرآني عن كلِّ بيان]

٥ - سيقول السائل إذا انتهى معنا إلى هذا الموضع: لقد أغلقتُم عنَّا بهذا البيان بابًا من الشك، ولكنكم لم تلبثوا أن فتحتم علينا منه بابًا جديدًا، ألم تقولوا لنا: إن هذه الصناعة البيانية ليست في الناس بدرجة واحدة، وإن القوى تذهب

<<  <   >  >>