للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: البحث عن القرآن في الفترة المدنية]

[القرآن في الفترة المدنيَّة]

في هذه الفترة حصل اتصال مع طائفة منظمة دينيًّا، وهم اليهود، والسؤال الذي يمكن طرحه، هل يمكن أن يكون القرآن قد أخذ عن هؤلاء اليهود شيئًا؟!

إن الناظر في القرآن يلمح موقفه الشديد من المجتمع اليهودي بصفة عامة، فقد ذكر القرآن عددًا من صفاتهم، ومنها: أنهم لم يحفظوا كتابهم، وكانوا يتعاملون بالربا، ويأكلون أموال الناس بالباطل، ويستبيحون الرشوة والكذب، فلا يمكن القول بأن القرآن مأخوذ عن أحبار اليهود (١).

ولا بد من القول: إنه لم يجسر أي مؤرخ يقدر مسؤوليته أن يزعم أخذ النبي على شخص أو أشخاص تلقى منهم محمد .

إن القرآن يخبرنا عن علماء أهل الكتاب، وأنهم على قسمين:


(١) تكلم المؤلف بكلام متميز عن ادعاءات بعض المستشرقين حول هذه المسألة، فلتنظر: (١٦٨).
وتحدث عن ادعاءات المستشرقين، باختلاف التعاليم المكية عن المدنية في القرآن، وفي سياق الرد، نبه على عدة نقاط منها:
١ - أن القصص القرآني لم يختلف بين القرآن المكي والمدني.
٢ - أن معرفة العرب بإبراهيم وإسماعيل معرفة قديمة، لوجودهم في جوار الكعبة، بيت الله الذي أمر إبراهيم ببنائه، ثم إن قصة إبراهيم وردت في القرآن المكي كذلك.
٣ - أن عدد الصلوات ظل ثابتًا في مكة والمدينة.
٤ - أن فكرة (الله) والحديث عنه لم يختلف في القرآن المكي عن المدني، وأن فكرة (إله الحرب) في القرآن المدني، لم تكن إلا تنفيذًا لإنذار عام وصريح أعلن عنه، وتكرر ذكره قبل ذلك في مكة.
٥ - أن فكرة النسخ حصلت لأن الحوادث تتطلب حلولًا متنوعة، وأن الله تعالى نصَّ في بعض الآيات على كونها مؤقتة، مثل: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ﴾ [البقرة: ١٠٩]، و ﴿أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٥]، والنسخ انعكاس لفكرة التدرج، والمسلك التدريجي في التعليم والتشريع ليس عيبًا، وإنما هو أنجح المناهج في تكوين النفس الواعية المستنيرة المشبعة بالحكمة، والأمم المنظمة، والخلق المتين.

<<  <   >  >>