للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١)

[[تبرؤه من علم الغيب]]

جلست جويريات يضربن بالدف في صبيحة عرس الربيع بنت معوذ الأنصارية، وجعلن يذكرن آباءهن من شهداء بدر حتى قالت جارية منهن: وفينا نبي يعلم ما في غد، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين» (١)، ومصداقه في كتاب الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ [الأنعام: ٥٠]، ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ [الأعراف: ١٨٨].

(٢)

[ظاهره كباطنه، لا يخون أبدًا]

وكان عبد الله بن أبي السَّرح أحد النفر الذين استثناهم النبي من الأمان يوم الفتح لفرط إيذائهم للمسلمين وصدِّهم عن الإسلام، فلما جاء إلى النبي لم يبايعه إلا بعد أن شفع له عثمان ثلاثًا، ثم أقبل على أصحابه فقال: «أما كان فيكم رجلٌ رشيدٌ يقوم إلى هذا حين كففت يدي عن بيعته فيقتله»؟ فقالوا: ما ندري ما في نفسك. ألا أومأت إلينا بعينك! فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين» (٢).


(١) رواه البخاري: (٤٠٠١)، ولفظه: عن الربيع بنت معوذ، قالت: دخل علي النبي غداة بني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر، حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في غد. فقال النبي : «لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين».
(٢) رواه أبو داود: (٤٣٥٩)، ولفظه: عن مصعب بن سعد، عن سعد، قال: لما كان يوم فتح مكة، اختبأ عبد الله بن سعد بن أبي سرح عند عثمان بن عفان، فجاء به حتى أوقفه على النبي ، فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثًا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه، فقال: «أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففتُ يدي عن بيعته، فيقتله؟» فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟ قال: «إنه لا ينبغي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأعين».

<<  <   >  >>