(٢) * يقول الجاحظ: «ومن شعراء العرب من كان يدع القصيدة تمكث عنده حولًا كرِّيتًا، وزمنًا طويلًا، يردد فيها نظره، ويجيل فيها عقله، ويقلب فيها رأيه، اتهامًا لعقله، وتتبعًا على نفسه، فيجعل عقله، زمامًا على رأيه، ورأيه عيارًا على شعره، إشفاقًا على أدبه، وإحرازًا لما خوَّله الله تعالى من نعمته، وكانوا يسمون تلك القصائد: الحوليَّات، والمقلَّدات، والمنقَّحات، والمحكَّمات، ليصير قائلها فحلًا خنذيذًا، وشاعرًا مفلقًا»، البيان: (٢/ ٨). ويقول ابن حِجَّة: «وكان زهير بن أبي سُلمى معروفًا بالتنقيح والتهذيب، وله قصائد تعرف بالحوليات، قيل: إنه كان ينظم القصيدة في أربعة أشهر، ويهذبها وينقحها في أربعة أشهر، ويعرضها على علماء قبيلته في أربعة أشهر، ويروى أنه كان يعمل القصيدة في شهر وينقحها ويهذبها في أحد عشر شهرًا، ولا جرم أنَّه قلما يسقط منه شيء»، خزانة الأدب: (٢/ ٣١). (عمرو)