للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طاعته من طاعة الله تعالى، فهلَّا جعل كل أقواله من كلام الله كما يقول هذا القائل.

الجهة الثانية:

أنَّ هذا الكلام مبني على افتراض باطل، هو: أن يكون محمد قد سوَّغ لنفسه أن يصل إلى مقصده، ولو بالكذب والتمويه.

وهذا باطل؛ لأن سيرةَ محمد ، وأحوالَه تأبى ذلك.

فإنَّ صفاته وشمائله قبل النبوة وبعدها، تأبى أن يكون كاذبًا، فقد كان أعداؤه قبل أصحابه يشهدون له بالصدق، والأمانة، ولم يقل أحد منهم قط: إنَّه كاذب.

ثم إن في تأخر نزول الوحي عليه في الحوادث المهمة، والتي تتعلق بشأنه الخاص، كحادثة الإفك، والآيات التي تشتمل على عتابه ، وتوقفه في تأويل بعض الآيات حتى ينزل الوحي، وسائر أموره العامة = كل ذلك دليل على بطلان أن تكون هذه الشخصية من الشخصيات التي تتوصل إلى مرادها بالكذب والتمويه.

إن صاحب هذا الخلق العظيم وصاحب تلك المواقف المتواضعة بإزاء القرآن، ما كان ينبغي لأحد أن يمتري في صدقه حينما أعلن عن نفسه أنه ليس هو واضع ذلك الكتاب، وأن منزلته منه منزلة المتعلم المستفيد، بل كان يجب أن نسجل من هذا الاعتراف البريء دليلًا آخر على صراحته وتواضعه.

<<  <   >  >>