(٢) اقرأ مثلًا قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [سورة الأنبياء: ٢٢] وانظر كيف اجتمع الاستدلال والتهويل والاستعظام في هذه الكلمات القليلة. بل الدليل نفسه جامع بين عمق المقدمات اليقينية ووضوح المقدمات المسلمة ودقة التصوير لما يعقب التنازع من (الفساد) الرهيب، فهو برهاني خطابي شعريٌ معًا، هل تجد مثل هذا في كتاب من كتب الحكمة النظرية؟ * قلت (عمرو): البرهان، والخطابة، والشعر، من أنواع القياس المنطقي، والبرهان: قياس يفيد اليقين، والخطابة تفيد ميل السامع إلى ما يراد منه ويركن إليه، ويقوى ذلك بفصاحة الكلام وعذوبة الألفاظ وطيب النغمة، والشعر يقصد به الترغيب، أو الترهيب، أو التشجيع، أو الحث على العطاء، أو تحريك فرح، أو حزن، أو تقريب بعيد، أو غير ذلك. انظر: تقريب الوصول إلي علم الأصول: (١٤٨ - ١٤٩).