أبعد هذا شك أن يكون القرآن قد افتُري من دون الله، إن القرآن تصديق الذي بين يديه، وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين.
٣ - أنباء المستقبل الجازمة ودلالتها على مصدرية القرآن.
لقد جاء القرآن ببيان أن الدين قد كتب الله له البقاء والخلود، وأن هذا القرآن سيعجز العالم أجمع، وتحدى القرآن العرب كلهم بهذا، وثبت عجزهم، فمن أين لمحمد ﷺ هذا الغيب، ومن أين له الجزم به؟
ومن الغيوب التي أخبر بها، والتي تكفي في صدقه، وصدق ما جاء به، ما أخبر عنه القرآن في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: ٦٧]، فأي ضمان هذا؟
وليس هذا فحسب، وإنما وقع هذا موقعه، فترك النبي ﷺ اتخاذ الحراس بعد هذه الآية، وثبتت هذه العصمة له في غير موطن (١).
إنَّه لا بد أن يكون قد استقى هذه الأنباء من مصدر علمي وثيق، واعتمد فيها على اطلاع واسع ودرس دقيق، ولا يمكن أن تكون تلك الأنباء كلها وليدة عقله وثمرة ذكائه وعبقريته.