المصاهرة، وموانع المباشرة (٢٢٠ - ٢٢٢) .. وهكذا نصل في رفق ولين، دون اقتضاب ولا ابتسار إلى صميم الحلقة الثانية (٢٢٣ - ٢٣٧) حيث نتلقى في شأن الحياة الزوجية دستورًا حكيمًا مؤلفًا من شطرين؛ وشطره الأول يعالج شؤون الأسرة في أثناء اتصالها (٢٢٣ - ٢٣٢)، وشطره الأخير يعالج شؤونها في حال انحلالها وانفصالها (٢٣٣ - ٢٣٧).
فخذ هذه الحلقة الجديدة من السورة الكريمة، وتعرف أسباب نزولها، وانظر كيف كانت كل قضية منها فتيا في حادثة معينة منفصلة عن أخواتها؛ ثم عد لتنظر في أسلوبها البياني جملة؛ وحاول أن ترى عليه مسحة انفصال أو انتقال، أو أن تحس فيه أثرًا لصنعة لصق، أو تكلف لحام .. واعلم منذ الآن أنك ستحاول عبثًا؛ فإنك لن تجد أمامك إلا سبيكة واحدة يطرد فيها عرق واحد، ويجري فيها ماء واحد، على رغم أنها جمعت من معادن شتى ..
تأمَّل أول كل شيء في خط سير المعاني:
انظر كيف استهل الحديث بإرساء الأساس، وذلك بتقرير حق العشرة والمخالطة الزوجية (٢٢٣) ثم انظر كيف تلاه النهي عن إدخال اليمين في أمثال هذه الحقوق المقدسة، سواء بالحلف على منع البر عن مستحقه، أو على قطع ما أمر الله به أن يوصل (٢٢٤ - ٢٢٥) وكيف عقبه بحكم فرع من فروع هذا المبدأ متصل بالعلاقة الزوجية، وهو حكم من حلف على الامتناع عن زوجته (٢٢٦ - ٢٢٧) وكيف اتصل من هنا بأحكام الطلاق وما يتبع الطلاق من حقوق وواجبات (٢٢٨).
فإذا أعجبك هذا التسلسل المعنوي، وهذا التدرج المنطقي، في شؤون كانت متفرقة، ارتجلتها الحوادث ارتجالًا، فتعالَ معي لأضع يدك في هذه القطعة