ومع ذلك كله؛ استيأسوا من قدراتهم، واستيقنوا عجزهم، فركبوا متن الحتوف، واستنطقوا السيوف بدل الحروف، ومضت القرون تلو القرون ولم يستطع أحد أن يقف أمام التحدي القائم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ولا يصح القول: إن العرب انصرفت هممهم عن معارضة القرآن، لأمور:
١ - لأنَّ الأسباب الباعثة على المعارضة كانت موفورة متضافرة، سيما مع استثارة حميتهم، والدعوة التي تكررت لهذه المعارضة، ولهي أهون عليهم مما قاموا به.
٢ - أن العرب قعدوا حتى عن تجربة المعارضة، ولم يشرع منهم إلا أقلهم عددًا، وأسفههم رأيًا، إذًا: فلقد كانوا في غنى بهذا العلم الضروري عن طلب الدليل عليه بالمحاولات والتجارب.
لقد كان القرآن نفسه مثار عجبهم وإعجابهم، ولقد كانوا يخرون سجدًا لسماعه.