لقد وصل القرآن إلينا، بلغته الأصلية التي كان عليها، فلم يتعرض لما قد تتعرض له الترجمة، من اختلاف، وكونها عرضة للاشتباه في الفهم، ونحو ذلك.
وقد نقل إلينا بالمشافهة، وتداوله عددٌ كبير من الناس، ودون في زمان النَّبي ﷺ، وجمع بعده في دفتين بعد مدة وجيزة جدًّا، كما سلف، وإنَّ المطلع على المخطوطات الموجودة للمصحف الشريف، والتي هي عتيقة، وترجِع إلى العصور الأولى من نزول القرآن، يعلم كيف أن الله تعالى قد أحاط القرآن بعناية خاصَّة، لئلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنه تنزيل من حكيمٍ حميد.
ومع كل العواصف التي عصفت بأمة الإسلام إلا أنَّ أحدًا منهم لم تمتد يده للقرآن ليحرفه، بل ولم يستطع، وأنَّى له ذلك، بل إنهم على اختلافهم وتناحرهم كانوا معظمين للقرآن معتنين بشأنه، كما يعرف من تاريخ كتابة المصحف والعناية به.
وبعد؛ فإنَّ أعظم دليل على عدم تحريف القرآن، هو القرآن ذاته، فقد احتفظ القرآن بكل خصائصه التي كان عليها زمان النبوة، لقد ظل مُؤثرًا في الأمة، ومعجزًا على مر الدهور، لا يزال الناس يأخذون منه، وَيَرِدُونَه فلا تنفد عجائبه، ولا يَخْلَقُ على كثرة الرد.