(٢) من المهم مراجعة هذا الفصل في الكتاب: (١٨٧)، وما بعدها، لأنَّ المؤلف ذكر رؤيته لمسألة الإعجاز العلمي، وهي رؤية جديرة بالمطالعة. قال الدكتور دراز تحت عنوان حقائق علمية: «ولكن القرآن في دعوته إلى الإيمان والفضيلة لا يسوق الدروس من التعاليم الدينية والأحاديث الجارية وحدها؛ وإنما يستخدم في هذا الشأن الحقائق الكونية الدائمة، ويدعو عقولنا إلى تأمل قوانينها الثابتة، لا بغرض دراستها وفَهْمِها في ذاتها فحسب؛ وإنما لأنها تذكِّر بالخالق الحكيم القدير، ونلاحظ أن هذه الحقائق التي يقدمها تتفق تمامًا مع آخر ما توصل إليه العلم الحديث»، ثم ذكر ﵀ أمثلة لذلك. وعلق على ذلك بقوله: «عند اختيارنا للآيات التي استشهدنا بها في هذه الفقرة، حرصنا على تلافي ما يعاب به على الطريقة التوضيحية المعروفة بالتأويل، والتي تتلخص في تفسير آيات القرآن بحيث تتفق نتائج التفسير مع النتائج العلمية المقررة. ولكن الحماس دفع بعض المفسرين المحدثين إلى المبالغة في استخدام هذه الطريقة التوفيقية لصالح القرآن؛ بحيث أصبحت خطرًا على الإيمان ذاته؛ لأنها إما أن تقلل من الاعتماد على معنى النص باستنطاقه ما لا تحتمله ألفاظه وجمله، وإما أن تعول أكثر مما يجب على آراء العلماء، وحتى على افتراضاتهم المتناقضة، أو التي يصعب التحقق من صحتها. وبعد أن نستبعد هذه المبالغات عن البحث، نرى أن من مقتضيات الإيمان - التي لا غنى عنها - أن نضاهي الحقائق الفورية التي نجدها في القرآن مع نتائج العلماء المنهجية البطيئة».