للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمرَّ السكين على حلقه، فالواجب علينا أن نتوقف في هذا، لا نصدق ولا نكذب؛ لأن القرآن لم يصدق ذلك ولم يكذبه، لكن عندي -والله أعلم- أن هذا لو وقع لكان من الحكمة أن يذكر، لأن فيه دلالة على آية من آيات الله -عزَّ وجلَّ-، وهي عدم تأثير السكين في حلقه، ولو وقع مثل هذا لذكره الله عزَّ وجلَّ لما فيه من الدلالة على آية عظيمة من آيات الله، والذي نجزم به أنه تله للجبين ليذبحه فقط، وكفى بذلك فخرًا أنه لم يبق إِلَّا أن يمر السكين على حلقه فماذا كان؟

قال الله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، قوله: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} لما شرطية تحتاج إلى شرط وجوابه، فشرطها قوله: {أَسْلَمَا} {وَتَلَّهُ} معطوف عليه، {وَنَادَيْنَاهُ} لا يستقيم أن نجعله معطوفًا على {أَسْلَمَا} ولكن اختلف العلماء في الواو هنا فقيل: إنها زائدة وتقدير الكلام: فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا.

وقال آخرون: ليست بزائدة؛ لأن زيادة الحروف المعنوية التي تقتضي المغايرة لا يمكن أن يقع في القرآن الكريم، بل هي معطوفة على شيء مقدر والتقدير: فلما أسلما وتله للجبين، تحقق تنفيذ أمر الله، أو ما أشبه ذلك من الكلام المناسب، ثم عطف على الجواب المحذوف قوله: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}

<<  <   >  >>