للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدعاء يراد به العبادة وهو كذلك، ويحتمل أن يكون المراد بدعوتهم لهذا الصنم دعوة المسألة، وأنهم يستغيثون بهذا الصنم، وإن لم يركعوا له ويسجدوا له، كما يوجد الآن في كثير من المسلمين مع الأسف من يدعو الأولياء في قبورهم وإن كانوا لا يركعون لهم، ولا يسجدون، فكوننا نجعل الدعاء بمعنى العبادة أعم من أن نجعله بمعنى السؤال؛ لأن السؤال نفسه عبادة كل إنسان يسأل الله ولو حاجة دنيوية، فإنه يعتبر عابدًا لله -عَزَّ وَجَلَّ- مثنيًا عليه؛ لأنه جعله المرجع -سبحانه وتعالى- وجعله ملاذه.

{أَتَدْعُونَ بَعْلًا} قال المؤلف -رحمه الله-[اسم صنم لهم من ذهب، وبه سمي البلد أيضًا مضافًا إلى (بك) أي أتعبدونه {وَتَذَرُونَ} أي: تتركون أحسن الخالقين.

وهنا قال: {أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (١٢٥)} ولم يقل: تذرون الله، بل قال: أحسن الخالقين، فلابد أن يكون هناك نكتة، فالعدول عن اسم الله الذي يختص به وهو الله لابد أن يكون هناك نكتة، النكتة هنا هي: إقامة الحجة عليهم بعدم صلاحية معبودهم للعبادة، لأنه لا يستطيع الخلق، والله وحده هو الذي يقدر على الخلق وعلى أحسن الخلق، فالله تعالى أحسن الخالقين، وكل من خلق شيئًا فالله تعالى أحسن منه خلقًا حتى الذين يضاهئون بخلق الله لا يمكن أن يخلقوا مثل خلق الله، بل هم يقلدون على خلق الله، ولا يمكن أن يأتوا بمثله ولا أحسن منه، فالله -سبحانه وتعالى- هو أحسن الخالقين.

وفي قوله: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ} إشكال، وهو أنه قد

<<  <   >  >>