يفهم فاهم من هذه الآية أنهم لو دعوا البعل ولم يذروا الله فلا إنكار عليهم، فما الجواب؟
الجواب أن يقال: يحتمل أن هؤلاء القوم يدعون البعل، ولا يدعون الله ولا يعبدون الله، كما يوجد الآن في طوائف الكفر من لا يرون أحدًا يطاع ويتقى إلا زعماؤهم ورؤساؤهم، فالدول الشيوعية مثلًا كانوا لا يعرفون إلا ستالين ومن سن لهم هذه القوانين، ويرون أنه هو الرب الذي يجب أن يطاع وأن يخشى، ولا يعرفون الله، وعلى هذا فيكون قوله: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (١٢٥)} على ظاهره، أي أنهم يدعون هذا البعل، ولا يدعون الله.
ويحتمل أنهم يدعون البعل، ويدعون الله، ولكن من دعا غير الله ودعا الله فإن الله غني عنه، فيكون كالتارك لدعاء الله، كما صح الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه أنه قال:"أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيره تركته وشركه"(١) وعلى هذا فيكون إلياس جعلهم تاركين لله لأنهم أشركوا به، ومن أشرك بالله معه غيره فالله غني عنه كأنه لم يعبد الله.
وعلى هذا فإما أن يكونوا قد تركوا الله على سبيل الحقيقة إذا كانوا يعبدون البعل ولا يعبدون الله، أو يكونوا تركوا الله على سبيل الحكم إذا كانوا يعبدون البعل ويعبدون الله، فإن هؤلاء حقيقة تركوا عبادة الله؛ لأن الله تعالى غني عنهم.