للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ} [التوبة: ٤٠] فهنا لم يذكر الله -سبحانه وتعالى- كيف نصره على قريش وهو في الغار، فعلى أي شيء يحمل؟ وردت أحاديث ضعيفة بأنه عششت عليه العنكبوت، وأنه صار على فم الغار حمامة، وأن الله أنبت شجرة تحجز رؤية المشركين للرسول - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه أبي بكر - رضي الله عنه- (١) فهذه الثلاث أمور حسية تمنع من رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه في الغار، ولكن وجودها في هذا الوقت آية، فالله -عز وجل- أنبت هذه الشجرة، وسخر هذه الحمامة لتقف على باب الغار، وسخر العنكبوت لتنسج على بابه، وهذه آية لا شك، ولكن هناك آية أعظم من هذا، وهي آية محضة وهي أن الله -سبحانه وتعالى- أعمى أبصارهم عن رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه لأنهم وقفوا على الغار على أقدامهم حتى قال أبو بكر - رضي الله عنه -: "لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا" (٢) كما صح ذلك عند البخاري ومسلم وغيرهما، وهذا مما يدل على ضعف قصة العنكبوت والحمامة


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند (١/ ٣٤٨) وليس فيه ذكر للحمامة. وانظر السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ١٤٤) وقد مال محققا السيرة إلى تحسين حديث نسيج العنكبوت والحمامتين على باب الغار، استئناسًا بتحسين الحافظين ابن حجر وابن كثير، انظر هامش السيرة. وانظر الفصول في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ص/ ٥٢) طبعة دار الصفا، ومال محققه إلى تضعيف الخبر.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} (٤٦٦٣) ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -. (٢٣٨١)

<<  <   >  >>