للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشياء تكون بأسبابها، ومرّ علينا في أصول الفقه بيان أن الأسباب مؤثرة، لكن لا بنفسها ولكن بما أودعه الله بها من أسباب التأثير.

١٩ - ومن فوائدها: أن الله -سبحانه وتعالى- يرسل الرسل السابقين إلى قوم مخصوصين لقوله: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧)}.

٢٠ - استدل بعض المتأخرين بقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧)} على إثبات الإحصاء السكاني لأنه قال: {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧)} فأحصاهم عددًا، مع أنه لو قال: فأرسلناه إلى قومه. كفى لكن عدهم عدًّا، ولا نعلم لهذا فائدة إلا الإحصاء، ولا شك أن الإحصاء إذا كان فيه فائدة فإنه داخل في عمومات النصوص الدالة على وجود ما فيه الفائدة، أما إذا لم يكن فيه فائدة وإنما يكون تطويلًا للمدة وإضاعة للوقت، وإتلافًا للمال بما ينفق عليه، فإنه كغيره مما لا فائدة منه لا يكون مطلوبًا.

٢١ - ومن فوائدها: أن الله -سبحانه وتعالى- أنجى قوم يونس بعد أن عاينوا العذاب لقوله: {فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (١٤٨)}.

فإذا قال قائل: ما الحكمة أن يخص قوم يونس بأنه تقبل منهم التوبة بعد نزول العذاب.

فالجواب: أن الحكمة من هذا أن نبيهم لم يصبر حتى تتم إقامة الحجة عليهم، بل خرج منهم مغاضبًا قبل أن يؤذن له فلم تتم إقامة الحجة، فكان لهم شبه عذر في تأخير العذاب عنهم.

<<  <   >  >>