للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحال الثانية: جعلهم الملائكة إناثًا، سواء جعلوا لأنفسهم البنين أم لم يجعلوا، وهذا أيضًا كذب وافتراء، لأنهم لم يشهدوا خلقهم حتى يحكموا عليهم بأنهم إناثًا، ولهذا قال: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (١٥٠)}.

والملائكة: عالم غيبي خلقَهم الله من نور، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. فهم عالم غيبي لا نشاهدهم إلا أن يرينا الله إياهم على سبيل الكرامة، أو على سبيل الآية، لأنه ما من إنسان إلا لديه ملكان عن اليمين وعن الشمال قعيد، وملائكة يحفظونه من بين يديه، يحفظونه من أمر الله، ومن خلفه، ونحن لا نشاهدهم، وملائكة يحضرون مجالس الذكر ولا نشاهدهم لأنهم عالم غيبي، والملائكة خلقوا من نور، كما ثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، وخلقوا صمدًا يعني لا يأكلون ولا يشربون، لأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، والملائكة منهم من علمنا بأعيانهم ومنهم من لم نعلم، فمن علمنا بأعيانهم جبريل وميكائيل وإسرافيل الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسميهم في افتتاح صلاة الليل، فيقول: "اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي إلى صراط مستقيم" (٢) فجبريل -عليه السلام- موكل بما في حياة


(١) أخرجه مسلم، كتاب الزهد، باب في أحاديث متفرقة (٢٩٩٦).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (رقم ٧٧٠) (٢٠٠).

<<  <   >  >>