للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان لا يحتاج إلى ذكره، وإذا لم نحتج إلى ذكره لم نحتج إلى تقديره.

{وَجَعَلُوا} الضمير يعود على المشركين الذين قالوا: إن الملائكة بنات الله.

فإن قال قائل: كيف يرجع الضمير إلى غير مذكور.

قلنا: إنه مذكور بالسياق فالسياق يعين مرجع الضمير، ولا يلزم في مرجع الضمير أن يكون اسمًا ظاهرًا بينًا، فإذا دل السياق على أن المراد به كذا عمل به. قال الله تعالى: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (٣٢)} [ص: ٣٢] فالفاعل في قوله: {تَوَارَتْ} يعود على الشمس مع أنه لم يسبق لها ذكر لأنه معروف.

وقال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦)} [الرحمن: ٢٦] (عليها) أي على الأرض مع أنه لم يسبق لها ذكر قريب، ولكن السياق يدل عليها، إذًا مرجع الضمير قد يكون متعينًا بالسياق.

{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ} أي بين الله {وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} يقال: والجِنَّة والجَنَّة والجُنَّة، وكلها تدور حول الاستتار والخفاء، لأن هذه المادة الجيم والنون تدور على هذا المعنى: الاستتار والخفاء، ومنه الجنان: القلب، ومنه الجنين: الحمل، ومنه الجنة: الجن، ومنه الجَنة: البستان ذو الأشجار الكثيرة، ومنه الجُنَّة. ما يستتر به المقاتل عن السهام كالترس.

فما المراد بالجنة هنا؟ يقول المؤلف: [الجنة أي الملائكة لاجتنانهم عن الأبصار] فهم عالم غيبي كالجن الذين هم ذرية

<<  <   >  >>