للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤)} [الانشقاق: ١ - ٤] فيفهم من قوله: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣)} [الانشقاق: ٣] أنها غير ممدودة، ولهذا جاء في الحديث "إنه إذا كان يوم القيامة فإن الله يمد الأرض مد الأديم" (١) مد الأديم يعني الجلد تمد هكذا تكون سطحًا واحدًا. وأيضًا دليل آخر مثل قوله: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر: ٥] والتكوير: التدوير، ومعلوم أن الليل والنهار يدور على الأرض، فإذا كان هذا يدور فالذي يدور عليه يكون مستديرًا ولابد، المهم القاعدة عندنا أنه لا يمكن أبدًا أن يوجد في الواقع المحسوس ما يخالف صريح المنقول أبدًا، كما أنه لا يوجد في صريح المعقول ما يخالف صحيح المنقول، فالأولى نخاطب بها أهل المادة، والثانية نخاطب بها أهل العقول الذين يدعون أنهم أصحاب العقول كالمتكلمين وغيرهم، نقول: ليس في صريح القرآن ولا في صريح صحيح السنة ما يخالف المعقول. ونخاطب بهذا أهل الكلام وغيرهم ممن يتكلمون في العقائد في المعقولات.

وليس في صريح القرآن ولا في صريح صحيح السنة ما يخالف المحسوس، ونخاطب به أصحاب المادة الذين ليس عندهم إلا ما يشاهدونه بأعينهم، أو يسمعونه بآذانهم، وعلى هذا يكون قوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)} محمول على أحد المحامل الأربعة.


(١) أخرجه ابن ماجه كتاب الفتن، باب طلوع الشمس من مغربها (رقم ٤٠٨١) والإمام أحمد في المسند (١/ ٣٧٥) والحاكم ٤/ ٤٨٨ - ٤٨٩، ٥٤٥ - ٥٤٦.

<<  <   >  >>