للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجماعة في مثل هذه الصفة، إثباتها لله على الوجه اللائق به لا على وجه القصور والنقص.

٢ - ومن فوائدها أيضًا: علو منزلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على قراءة الفتح، حيث اعتبر الله عَزَّ وَجَلَّ تعجبه تعجبًا ينوه عنه في قوله: {بَلْ عَجِبْتَ} ومعلوم أن الذي ينوه عن أحواله عظيم عند من نوّه عنه، بخلاف من لا يؤبه له ولا يهتم به، ولهذا في أوساط الناس إذا غضب الملك ليس كغضب سائر الناس، تجده مثلًا يقال: تحدث الملك فغضب، لكن لو يأتي واحد من عامة الناس لو تفجر من الغضب ما تحدث الناس عنه، فتحدث الله -عز وجل- عن عجب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدل على علو منزلته عند الله وعلى عظم شأنه - صلى الله عليه وسلم -.

٣ - ومن فوائدها: أن هؤلاء القوم الذين أنكروا الحق زادوا في طغيانهم حتى صاروا يسخرون من الحق وأهل الحق، ولهذا قال تعالى: {وَيَسْخَرُونَ (١٢)} يعني مع تعجبك من أحوالهم هم يسخرون مما جئت به، ويسخرون بك، وهذه عادة أعداء الرسل يسخرون من الرسل ومما جاءوا به، ومما يفعلونه أيضًا.

قال الله تعالى عن نوح: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٩)}. [هود: ٣٨ - ٣٩].

٤ - من هذه الفائدة نأخذ فائدة أخرى: وهو أنه يجب على الدعاة إلى الحق أن يصبروا على ما ينالهم من الناس من السخرية؛

<<  <   >  >>