للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يقولوا: واحد في ألوهيته لا شريك له. وإنما جعلوا التوحيد ما يتضمن توحيد الربوبية وتوحيد الصفات فقط، على ما في هذا الكلام من إجمال يحتاج إلى تفصيل، لكن فيه حذف توحيد الألوهية، وهذا التوحيد الذي زعم عامة المتكلمين أنه هو التوحيد الذي جاءت به الرسل. لا شك أن المشركين كانوا يقرون به ولا ينكرونه، ومع هذا حكم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشرك واستباح دماءهم وأموالهم ونساءهم وأراضيهم.

٧ - ومن فوائدها: أن هؤلاء المكذبين من أتباع ومتبوعين كلهم ينالهم العذاب لقوله: {إِنَّا لَذَائِقُونَ (٣١)} أي ذائقون عذاب ربنا الذي حق علينا.

٨ - ومن فوائدها: التحذير من مصاحبة أهل الغواية لقوله: {فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (٣٢)}، وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من مصاحبة الصاحب السوء فقال: "مثل الجليس الصالح كحامل المسك وإما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة" (١).

٩ - ومن فوائدها: إطلاق الشيء على مسببه لقوله: {فَأَغْوَيْنَاكُمْ} لأنهم ليسوا هم الذين أغووهم، وإنما هم سبب إغوائهم، فإن الهداية والإضلال بيد الله -عز وجل-، لكن هؤلاء كانوا سببًا في غواية هؤلاء فأضافوا الفعل إليهم في قولهم:


(١) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب المسك (رقم ٥٥٣٤) ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء (رقم ٢٦٢٨) (١٤٦).

<<  <   >  >>