وهذا ما عبَّر عنه أحد المفكرين -في صدد نقده للفكر الغربي- بقوله: "فهم الغرب عملية التثاقف وباستمرار في صورة الاستلاب الحضاري Inacualturation والتنكر التام لمنجزات الطرف المقابل الحضارَّية والثقافيَّة، وأرادها أن تتحول دائمًا إلى وسيلة للسيطرة والهيمنة وإلغاء الهويَّة الذاتية المستقلة للأمم والشعوب والحضارات The Obliration Of Cultural Identity إلى حدود اقتربت في مضامينها ومنحنياتها السلبية إلى الاغتيال الحضاري للآخرين، وذلك صدورًا عن نظرية عرقية قديمة، جددتها وبشرت بها مدرسة (كرستيان لاش وأرنست رينان) في أواخر القرن الماضي مؤداها: تمايز العقل الأوروبي وسموه عن العقل السامي (العربي) الذي هو في زعم أنصار هذه المدرسة غبي التكوين، معادٍ للعلم والفلسفة" (١).
إنَّ هذه المزاعم التي يثيرها بعض المستشرقين بين الحين والآخر تمس تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة، وتحاول التقليل من مكانتها؛ ممَّا يوجب على الأمَّة
(١) المرجع السابق نفسه: ص ٢٢، وانظر: جوستان لوبون: حضارة العرب: ص ٢١، ٢٢، ترجمة عادل زعيتر، طبعة الحلبي، ١٩٦٩ م، وعن التفريق بين مصطلح التثاقف الذي يعني الحوار الحضاري البناء، وبين الاستلاب الثقافي الذي يعني نسخ الهوية ... انظر: جرونبام: المرجع السابق: ص ٢٤٩ وما بعدها، نقلًا عن: عرفان عبد الحميد: المرجع السابق: ص ٢٢ "الحاشية"، وانظر: استيفان فيلد: الثقافة العربية في غاية الأهمية بالنسبة للثقافة الأوروبية؛ حيث أشار إلى "المذهب الذي يقول: إن أوروبا هي مركز الكون كله وأن الثقافات والحضارات والآداب العالمية ليس لها قيمة تذكر إلا إذا اتفقت اتفاقًا تامًا مع الثقافات والحضارات والآداب الأوروبية وهو ما يسمى " eurozeutrismus" أشار إلى ذلك -في سياق نقده لهذا المذهب- في مقابلة أجراها معه: محمد أَبو الفضل بدران؛ في بون، ونشرت في مجلة الحرس الوطني: ص ١٢٤، عدد رجب ١٤٠٩ هـ - فبراير ١٩٨٩ م، تصدر من رئاسة الحرس الوطني السعودي - الرياض.