للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمبراطورية الرومانية- ولم يكن يوجد في نظر اليونان إلا الجنوب الحار المتحضر والشمال البارد موطن المتوحشين، وكانوا في تقسيمهم العالم إلى أقسامه المختلفة يسيرون على هذا الأساس نفسه، فيجعلون أوروبا شمالي آسيا وإفريقية معًا؛ فلو كانت سيبيريا معلومة لهم لعدت قسمًا من أوروبا) (١).

٤ - ويعالج باحث عربي هذه المسألة قائلًا: (أما الغرب فهو اصطلاح حديث جرينا فيه على ما اصطلح عليه الأوروبيون في عصور الاستعمار من تقسيم العالم إلى شرق وغرب، يعنون بالغرب أنفسهم، ويعنون بالشرق أهل آسيا وإفريقية الذين كانوا موضع استعبادهم واستغلالهم، وجرينا نحن على هذا الاستعمال، والكلمة وإن كانت حديثه اصطلاحيًا واستعمالًا فيه قديمة في مفهومها ودلالتها، فقد كان في العالم من زمن قديم قوتان تصطرعان وتتنازعان السيادة إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب، تمثل ذلك في الصراع بين الفرس والروم، ثم في الصراع بين المسلمين والروم، ثم في الصراع بين المسلمين والصليبيين، ثم في الصراع بين العثمانيين والأوروبيين مدًا وجزرًا، ثم كان آخر فصول هذه الملحمة الصلات بين الشرق ممثلًا في آسيا وإفريقية، وبين الغرب ممثلًا في أوروبا وأمريكا) (٢).

* * *


(١) ف. بارتولد: تاريخ الحضارة الإسلامية ص: (٣٥)، ترجمة حمزة طاهر، عن دار المعارف، الطبعة الرابعة: (١٩٦٦ م)، القاهرة.
ومما يلحظ في هذه التسميات، الشرق والغرب، والجنوب والشمال، أن كلًا منها قد ارتبط ببعد سياسي أو عقدي، فالشرق والغرب يظهر في الاستعمال السياسي والاستعماري والدبلوماسي، والجنوب والشمال يظهر في الاستعمال الكنسي والتنصيري.
(٢) محمد محمد حسين: الإسلام والحضارة الغربية ص: (١١)، الطبعة الخامسة: (١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م)، عن مؤسسة الرسالة، بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>