للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذه الفتوحات مصدر شائعات كان لها تأثير كبير في تشكيل الموقف العدائي المضاد لدعوة الإسلام (١).

ومن الأمثلة لذلك: أن بطرك بيت المقدس خرج مع كثير من مشهوري الصليبيين وفرسانهم حين فتح صلاح الدين بيت المقدس، ولبسوا السواد، وأظهروا الحزن على ذهاب بيت المقدس من أيديهم، ودخلوا بلاد الإفرنج يطوفونها ويستنجدون بأهلها، ويستجيرون بهم، ويحثونهم على الأخذ بثأر بيت المقدس، وصوروا المسيح وأمامه رجل عربي ينهال عليه ضربًا، وجعلوا الدماء تسيل على وجه المسيح وصدره، وكتبوا في شرح هذه الصورة: (هذا المسيح يضربه محمد نبي المسلمين وقد جرحه وقتله) (٢).

ومن الأمثلة على صنيعهم هذا أنهم صوروا قبر المسيح وصوروا عليه فارسًا مسلمًا يطؤه بحوافر جواده وهو يبول عليه، وقد وزعوا هذه الصورة في أسواق بلادهم ومجامعها، حيث كان القسس يحملونها ورؤوسهم مكشوفة وعليهم المسوح وهم ينادون بالويل والثبور (٣).

وواضح أن هذه الوسائل التي تثير الحفائظ وتعمق الحقد والكراهية للإسلام وأهله، كانت تهدف إلى محاولة تحصين المجتمع الغربي -المرتكز على عقيدة التثليث- من التأثر بدعوة الإسلام المرتكزة على عقيدة التوحيد وما تعنيه من مناقضة لما تقدمه الكنيسة من العقائد المنحرفة (٤).

٢ - ومن العوامل التي جعلت الأوروبيين يغرقون في محاولتهم تشويه


(١) انظر: مصطفى عمر حلبي: الخلفية الثقافية لاتجاهات المستشرقين في دراسة شخصية الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، المنهل العدد السنوي لعام: (١٤٠٩ هـ)، ص: (٣١)، المرجع السابق نفسه.
(٢) انظر: قاسم السامرائي: الاستشراق. . . ص: (٢٠، ٢١)، مرجع سابق.
(٣) انظر: المرجع السابق نفسه ص: (٢١).
(٤) انظر: المرجع السابق نفسه ص: (٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>