للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستكشافية، ومن خلال الشركات الغربية التي عملت في بلاد الشرق، ووصولًا لتلك الدراسات الاستشراقية التي تضفي طابع التبرير العقلي على المبدأ الاستعماري (١).

وأما في الفترة الاستعمارية وبعد استيلاء عدد من دول الاستعمار على البلاد الإسلامية وسيطرتها عليها عسكريًا وسياسيًا، فقد عمل المستشرقون دائبين على محاولة إضعاف المقاومة الروحية والمعنوية في نفوس المسلمين وتشكيكهم في معتقداتهم وتراثهم حتى يتم للاستعمار -من جانب- إخضاعهم للحضارة الغربية وثقافتها، ويتاح للمستعمرين -من جانب آخر- مزيدًا من معرفة تلك الشعوب التي يستعمرونها، ومن المؤكد أن (مزيدًا من المعرفة يؤدي إلى مزيد من القوة) (٢).

وأما بعد رحيل الاستعمار عن بلاد العرب والمسلمين فإن خدمات الاستشراق للاستعمار تمثلت في طرح الخطط المدروسة والدراسات العميقة التي أنجزها المستشرقون، وتبنتها دوائر الاستعمار ومؤسساته لفرض السيطرة على الشرق وإخضاع شعوبه وإذلالها بأساليب ظاهرها التحرر والانعتاق من الاستعمار، وحقيقتها أشد وطأة على الأمة الإسلامية من الاستعمار نفسه وأخف كلفة على المستعمر، كذلك فإن تلك الخطط تهدف إلى إضعاف العالم الإسلامي وإبعاد الأمة عن مقوماتها وإذابة ذاتيتها في حضارة الآخر وثقافته، ومنع أي محاولة من شأنها جمع شمل المسلمين مرةً أخرى.

ولعل هذه المهمة أو هذا الطور الذي خطط له الاستشراق لخدمة


(١) انظر: محمد حمدي زقزوق: الاستشراق ص: (٤٨)، مرجع سابق.
(٢) انظر: محمود حمدي زقزوق: الاستشراق ص: (٤٨)، المرجع السابق نفسة، وانظر محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار ص: (٥٣٤)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>