للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ثُمَّ إنَّ العلاقة التي تقيمها بين العبد وربه هي علاقة واضحة تقوم على عبودية العبد لربه؛ الذي يتوجه إليه بالطلب والدعاء دون واسطة أحد، أو شفاعة الآخرين، إذ لا رهبانية فيها، ولا رجال دين، ولا صكوك غفران، وجميع الخلق عند اللَّه سواء لا يفضلون بكرامة أو مقام، إلَّا بمقدار طاعتهم للَّه وعملهم الصالح.

- وبتجاوب الناس معها عبر التاريخ الطويل على مختلف أصنافهم ودرجاتهم دونما تفريق، وهذا مِمَّا ساعد على الانتشار في معظم بقاع الأرض بسرعة مذهلة وفي فترة وجيزة من غير إكراه أو إجبار أو إغراء؛ لأنها دعوة وليست تبشير، تقوم على حوافز داخلية في النفس البشرية) (١).

ولعل من أبرز ما يدل على هذا الوضوح والصفاء ما تتضمنه كلمة التوحيد التي هي شعار الإسلام وعنوانه (لا إله إلَّا اللَّه محمد رسول اللَّه) فقد نفت تأليه غير اللَّه من (بشر أو حجر، أو شيء في الأرض أو في السماء. . .، وإفراد اللَّه بالألوهية، والإقرار لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بالرسالة وما يعني ذلك من محبته التي تفضي إلى متابعته، والاقتداء بهديه، والتمسك بسنته، وجماع ذلك "تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عمَّا عنه نهى وزجر، وأن يعظم أمره ونهيه" (٢)، ولهذا كانت رسالة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ملوك الأرض وزعمانها: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: ٦٤].

إنَّ قضية التثنية في الألوهية -إله الخير والنور وإله الشر والظلمة- وقضية التثليث في الوثنيات القديمة، أو في المسيحية المتأثرة بها (الأب


(١) صالح ذياب هندي: دراسات في الثقافة الإسلامية، ص ٥٤، (مرجع سابق).
(٢) عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد: ص ٣٥، الطبعة الثانية، ١٤١١ هـ، عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية. .، الرياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>