للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقوانين إذا اتصفت بالانسجام العام في مجموعها وانتظمها سياق واحد (١) (لانبعاثها عن روح واحدة) (٢)، أما إذا كان القانون أو النظام يتكون من مجموعة قواعد وأحكام حول ظاهرة واحدة أو جانب من جوانب الحياة فقط، فإنَّهم يطلقون عليه النظام القانوني) (٣).

وبالنظر لهذه الدلالة مقارنة بالمعاني اللغوية والاصطلاحية الواردة في تعريف الشريعة يظهر جليًّا استقلال الشريعة الإسلامية بهذا المسمى دون غيرها لما اتصفت به من الظهور والوضوح واليسر والعمق وعدم الانقطاع وهو ما يتفق مع معناها اللغوي؛ ولأن أحكامها تنتظم جميع جوانب الحياة في انسجام تام في داخلها ومع نظام الكون العام والحياة؛ لأن خالق الكون والحياة وهو اللَّه جل جلاله هو الذي سنَّ هذه الشريعة وأبانها وأظهرها، ويتصل بذلك ما أجمله شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله: (فالشريعة جامعة لكل ولاية وعمل فيه صلاح الدين والدنيا، والشريعة إنما هي كتاب اللَّه وسنة رسوله، وما كان عليه سلف الأمة في العقائد والأحوال والعبادات والأعمال، والسياسات والأحكام والولايات والعطيات) (٤).

والشاهد في قوله هذا أن سنة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وتطبيق السلف الصالح متصل بالشريعة ويتصل بها طاعة ولاة الأمر من المسلمين كما أوضح ذلك فيما تلا من كلامه، إذ قال: (ثم هي مستعملة في كلام الناس على ثلاثة أنحاء: شرع منزل وهو شرع اللَّه ورسوله، وشرع متأول، وهو: ما ساغ فيه


(١) انظر محمد كمال عبد العزيز: الوجيز في القانون: ص: (١٢)، عن مكتبة وهبة - القاهرة، ١٩٦٢ م.
(٢) المرجع السابق نفسه: ص: (١٢).
(٣) انظر: المرجع السابق نفسه: ص: (١٢).
(٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (١٩/ ٣٠٨)، أصول الفقه الجزء الأول، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>