للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ جهل الإنسان بحقيقة نفسه وطبيعة حاله حقيقة قررها العلماء المعنيون بدراسة الإنسان، وعلى سبيل المثال فإن (ألكسيس كاريل) وهو عالم مختص في مجال دراسة الإنسان، ألَّف كتابًا أسماه (الإنسان ذلك المجهول) أبان فيه أن الإنسان لا يفهم نفسه ككل، وهذا واضح في قوله: (لقد بذل الجنس البشري مجهودًا جبَّارًا لكي يعرف نفسه، ولكن وعلى الرغم من أننا نملك كنزًا من الملاحظة التي كدسها العلماء والفلاسفة والشعراء وكبار العلماء الروحانيين في جميع الأزمان، فإننا استطعنا أن نفهم جوانب معينة -فقط- من أنفسنا. . . إننا لا نفهم الإنسان ككل) (١).

ويواصل حديثه مبينًا أن هناك قصورًا كبيرًا في فهم الإنسان لطبيعته وأعماق نفسه، فيقول: (إننا نعرفه -أي: الإنسان- على أنه مكون من مركب من الأشباح تسير في وسطها حقيقة مجهولة) (٢) ويؤكد فيما ذكر بأن معرفة الإنسان بنفسه ما زالت بدائية (٣).

إن جهل الإنسان بنفسه كان السبب الأساس في اختلاف النظرات إليه وتعدد مدارسها التي خبطت في قضاياه خبط عشواء، ففي حين ينظر إليه من خلال بعض تلك النظريات ومدارسها بأنه إله وأنَّه سيد الكون، ينظر إليه من خلال جانبه المادي ويصنَّف في منزلة تقترب به من منزلة الحيوانات. .، وذاق الإنسان في ضوء هذه النظريات المتعارضة المتناقضة صنوفًا من المرارة، وأصبح الإنسان في العصر الحديث يعيش في أزمة طاحنة، تحدث عنها كثير من المفكرين، وصرحوا بها في كتابات


(١) نقلًا عن: محمد رأفت سعيد: المرجع السابق نفسه: ص: (٢٨).
(٢) المرجع السابق نفسه: ص: (٢٨).
(٣) انظر: المرجع السابق نفسه: ص: (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>