للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأخلاق النبيلة، ما قرره فقهاؤها من (عدم جواز تسليم الأجنبي في الدولة الإسلامية إلى دولته ولو على سبيل المفاداة بأسير مسلم؛ لأن الأجنبي دخل بأمان، وعلى الدولة الإسلامية أن تفي بعهدها له فيبقى آمنًا لا يمسه سوء، وتسليمه بدون رضاه غدر بالأمان لا رخصة فيه فلا يجوز) (١).

ومن مظاهر العناية بالأخلاق، (أن الأجنبي الداخل إلى دار الإسلام بأمان تؤخذ منه ضريبة على أمواله التجارية بمقدار ما تأخذه دولته من المسلم إذا دخل إليها بأموال تجارية، ولكن إذا كان المأخوذ من المسلم كل ماله فإنَّ الدولة الإسلامية لا تفعل فلك بالنسبة لرعايا تلك الدولة، ويعلل الفقهاء هذا المسلك بأنَّ أخذ أموال الأجنبي ظلم ولا متابعة بالظلم، وإننا لا نتخلق بأخلاقهم وإن تخلقوا هم بها بل نهينا عنه، كما لو قتلوا الداخل إليهم منَّا بأمان لا نقابلهم بالمثل، فلا نقتل من دخل إلينا منهم بأمان) (٢).

ومن مظاهر عناية الأمة الإسلامية بالأخلاق في تعاملها مع أهل الذِّمَّة تحقيقًا لما تأمر به الشريعة ما روي (أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطأة بالبصرة: أمَّا بعد. . . وانظر من قبلك من أهل الذمة ممن


(١) عبد الكريم زيدان: المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية: ص: (٥١)، (الحاشية)، (مرجع سابق)، ولمزيد من الاطلاع على سماحة الإسلام في التعامل مع الآخرين وما تتسم به تشريعاته من وفاء بالعهد ورعاية الأنفس والأموال؛ انظر: الإمام محمد بن الحسن الشيباني: السير الكبير وشرحه للإمام السرخسي: (٢/ ٣٥٥)، وقبلها: (١/ ٧٠، ٧١، ٧٢)، تحقيق: مصطفى زيد، ومحمد أبو زهرة، طبعة جامعة القاهرة: (١٩٥٨ م)، وانظر: عبد الكريم زيدان: المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية: ص: (٥١، ٥٢)، (مرجع سابق).
(٢) عبد الكريم زيدان: المرجع السابق نفسه: ص: (٤٦): ص: (٥١)، (الحاشية).

<<  <  ج: ص:  >  >>