للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨].

وقد قرر بعض الباحثين -في مقارنة أجراها بين الشريعة والقانون- أن الشريعة (جاءت بتقنين الأخلاق، أي: جعل الأوامر والأحكام الأخلاقية قوانين ملزمة) (١)، بخلاف القانون الذي جاء على (أساس تقنين العادات، أي: صياغة ما تعارف عليه الناس من أوضاع وتقاليد في صورة قوانين) (٢).

وهنا يلحظ الفارق الكبير بين نظام ينظر للواقع، وينقاد لما فيه أخلاط الخير والشر والفضيلة والرذيلة والحق والباطل، وبين نظام يرتقي بالواقع وينطلق من تربية الناس على الفضيلة ومحاربة الرذيلة، وتنمية الخير ومكافحة الشر، ولزوم الحق ومدافعة الباطل، وإذا كان هذا هو نظام شريعة الإسلام فإنها أقرب إلى نفوس الناس من جانب آخر؛ لأنهم يلتزمونها باعتبارها من الدين (فيلتزمون بها التزامًا طوعيّا نابعًا من أعماق قلوبهم، ولا يساقون إليها بعصا السلطان وقهر الحكام، بل بصوت من القلب ورهبة من الدَّيَّان، ورغبة في النعيم المقيم فتكون الطاعة إرهاقًا للإحسان، وإيقاظًا للمشاعر، وتنمية لنوازع الخير وتطهيرًا للنفس من نوازع الشر. . . إنَّ ربط القانون الإسلامي بالدين جعله مرتبطًا كل الارتباط بقانون الأخلاق) (٣).

ومن مظاهر الفضل والإحسان في الشريعة الإسلامية واتسامها


= الحيوان والرفق به، كما أن الشريعة الإسلامية لا تقتصر على تشريع أحكام للأخلاق والآداب، بل تربي الأمة عليها وتأخذ بيدها لتتحلى بالفضائل، وتبتعد عن الرذائل.
(١) يوسف القرضاوي: مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية: ص: (١٠٤)، (مرجع سابق).
(٢) المرجع السابق نفسه: ص: (١٠٤).
(٣) عبد الحميد محمود طهماز: ميزات الشريعة الإسلامية. .: ص: (١٠٠)، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>