للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشق الأول لهذه الدعوى فهو باطل ومردود حتى لدى بعض المستشرقين لأسباب عدة تجمل في الآتي:

١ - (تفشي الأمية في العرب وجهلهم باللغات الأجنبية) (١)، وعلى الرغم من عنايتهم باللغة والشعر والأدب والسير والتاريخ، وكذلك احتكامهم إلى العادات والأعراف القبلية في تنظيم معاملاتهم إلا أنهم لم ينقلوا عن الروم بخاصة شيئًا من القوانين (٢)، ولا يوجد -كما ذكر المستشرق (نالينو)؛ (أي دليل على تسرب التشريعات الرومانية إلى الشريعة الإسلامية بواسطة العرب في الجاهلية) (٣)، كما أورد (نالينو) شهادة (تيودوريتو) (٤) إذ قال: (إنه توجد أقوام في أقصى حدود الإمبراطورية الرومية رغم أنهم خاضعون لحكم الروميين، فإن القانون الرومي لا يطبق عليهم. يصرح (يتودوريتو) أن منهم القبائل الإسماعيلية الكثيرة العدد) (٥).

والشاهد من هذا أنه إذا كانت بعض القبائل في أطراف الجزيرة العربية مع أنها خضعت للإمبراطورية الرومية لم تعرف القانون الروماني ولم تخضع لأحكامه، فمن باب أولى عرب الحجاز الذين لم يخضعوا لأي سلطة أجنبية، ولم يتأثروا بحضارات الأمم المجاورة لهم، وهذا ما حفظه لهم التاريخ (٦).


(١) المرجع السابق نفسه: ص ٦٩.
(٢) انظر: الدسوقي عيد: استقلال الفقه الإسلامي. . .: ص ٤٥، (مرجع سابق).
(٣) نقلًا عن عبد الكريم زيدان: المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية: ص ٦٩، (مرجع سابق)، وانظر: نالينو: نظرات في علاقات الفقه الإسلامي بالقانون الرومي: ص ١٣، (مرجع سابق)
(٤) لعله من مؤرخي (النصف الأول من القرن الخامس الميلادي). انظر: نالينو: المرجع السابق نفسه: ص ١٤.
(٥) نالينو: المرجع السابق نفسه ص ١٤.
(٦) انظر: الدسوقي عيد: استقلال الفقه الإسلامي: ص ٤٢ - ٤٥، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>