للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما جاء على نحو منها من الأحاديث والآيات الأخرى تبني شخصية الأمة المسلمة بناء متميزًا تجعل الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة من مقوماته، وتأمر بالترابط والتماسك والالتفاف حول عقيدة التوحيد الخالص للَّه، وتنهى عن التفرق والاختلاف والذوبان في شخصيات الآخرين، وبلغ ذلك أن نهى اللَّه عن اتخاذ البطانة من دون المؤمنين قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} [آل عمران: ١١٨]، (فوضح لعباده المؤمنين الأمور الموجبة للبراءة من اتخاذهم بطانة بأنهم لا يألونكم خبالًا: أي هم حريصون غير مقصرين، في إيصال الضرر بكم. . .) (١).

ومع هذا التحذير وإظهار الشخصية المتميزة فإن اللَّه عز وجل جعل من خصائصها أيضًا الانفتاح على الآخرين والإيجابية في التعامل وتبادل البر، لا أن تكون شخصية منغلقة متعصبة، قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: ٨]، لذلك أنه لما (نزلت. . . الآيات الكريمات المهيجة على عداوة الكافرين، وقعت من المؤمنين كل موقع، وقاموا بها أتم القيام، وتأثموا من صلة بعض أقاربهم المشركين، وظنوا أن ذلك داخل فيما نهى اللَّه عنه، فأخبرهم اللَّه أن ذلك لا يدخل في المحرم. . .) (٢)، وإنما (نهاكم اللَّه أن تولوهم بالنصرة والمودة، بالقول والفعل، وأما بركم وإحسانكم


(١) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (١/ ٤١٣)، المرجع السابق نفسه، وانظر: سليمان بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد الوهاب: أوثق عرا الإيمان، بتحقيق: الوليد بن عبد الرحمن الفريان، الطبعة الأولى: (١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م)، يعني بتأصيل الولاء والمحبة وما يقتضيان من البغض والبراء وأنهما أساس أخوة الإسلام وساق الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة، ثم جعل خاتمة الرسالة في فضل الحب في اللَّه ص: (٦٨، ٧٤)، وأورد على ذلك أدلة مستفيضة من الكتاب والسنة.
(٢) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (٧/ ٣٥٦)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>