للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المآزق والملمات. . والإنسان الرحيم يبادر إلى هذا وذاك تحدده الرغبة في كشف العذاب عنه أو تخفيفه عن كاهله) (١).

وقد تقتضي الرحمة ضروبًا أخرى من التعامل يفرضها العدل أو تدعو إليها مقتضيات الحكمة، منها ما يكون على مستوى الفرد ومنها ما يكون على مستوى الأمة.

فأما الأول فمثاله إلزام الوالد والده والأخ أخاه بما يشق عليه لنفعه ومصلحته كأن (يكرهه على التأدب بالعلم والعمل، ويشق عليه في ذلك بالضرب وغيره، ويمنعه شهواته التي تعود بضرره، ومتى أهمل ذلك من ولده كان لقلة رحمته به، وإن ظن أنه يرحمه، ويرفهه ويريحه، فهذه رحمة مقرونة بجهل) (٢).

وأما على مستوى الأمة فإن ذلك يتمثل في عدم رحمة الظالمين ومن صدر في حقه حكم شرعي لارتكابه جريمة من الجرائم، فلا يجوز أن تحول الرحمة بينه وبين ما يستحق من العذاب؛ لأن البواعث الإنسانية وراء العمل الرحيم لا تنبعث ولا تتحرك لرؤية كل عذاب، ولكنما تتحرك فقط عند رؤية الأبرياء والرحماء يتعذبون، فتجاوز العدل بالانتهاك أو باعتداء يكشف عن العلاقة الدفينة بين فضيلة الرحمة وفضيلة العدل، ويبين بوضوح أن الذي لا يعرف وجه العدل لا بد أن يخطئ في الرحمة، فيميل إلى الرحمة بالظالمين والمعتدين الذين لا يستحقونها) (٣).

ومما انتهجه الإسلام في بناء الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة وضمان


(١) أحمد عبد الرحمن إبراهيم: الفضائل الخلقية في الإسلام: ص: (١٨٨)، مرجع سابق.
(٢) مسفر بن سعيد بن دماس الغامدي: المرجع السابق نفسه ص: (١٨٠).
(٣) أحمد عبد الرحمن إبراهيم: الفضائل الخلقية في الإسلام: ص: (١٩١)، المرجع السابق نفسه، وانظر: ابن تيمية مجموع فتاوى شيخ الإسلام: (٢٨/ ٢٢٨)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>