للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه أهل مكة الخناق هو وأصحابه، بل يؤذونه ويعذبون أصحابه فيقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" (١)، وفي يوم الفتح صنع بمن حاربه السنين الطويلة ووقف في وجه الدعوة وقتل أصحابه فعل بهم كما فعل يوسف بإخوته عندما قال: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: ٩٢]. وقال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" (٢)، وكانت رحمته -صلى اللَّه عليه وسلم- تسع جميع الناس، ويحس بها كل الناس الضعفاء والأقوياء على حد سواء (٣)، وعندما طلب منه أن يدعو على المشركين قال: "إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة" (٤).

وبهذه الرحمة وما تفعله من آثار وما تتصل به من صفات الجلال والكمال أنشأ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الأمة الإسلامية، (فالرحمة مبادرة إنسانية. . . توطد مشاعر الإخاء الإنساني. . . وهي التعبير الخلقي العملي عن تعاطف الإنسان مع أخيه الإنسان حين يواجه المرض أو الألم أو حين يقع في


(١) أخرجه البخاري: صحيح البخاري ٣/ ١٢٨٢، الحديث رقم [٣٢٩٠]، تحقيق: مصطفى ديب البُغا، (مرجع سابق).
(٢) أخرجه ابن هشام: السيرة النبوية: (٤/ ٥٥)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، مرجع سابق. وانظر: فاروق حمادة: خطبة الفتح الأعظم (فتح مكة)، ص: (١٩ - ٤٢)، وفيها تخريج موسع لما اشتملت عليه الخطبة ومصادرها من كتب السنة والسيرة والتاريخ، الطبعة الأولى: (١٤٠٤ هـ - ١٩٨٣ م)، عن دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب، العدد [٤٥]، ربيع الأول - جمادى الآخرة: (١٤١٦ هـ).
(٣) مسفر بن سعيد بن دماس الغامدي: رحمه اللَّه، أسبابها وآثارها، مجلة البحوث الإسلامية الصادرة عن إدارة البحوث العلمية والإفتاء، الرياض: ص: (٢١٧، ٢١٨)، العدد [٤٥]، ربيع الأول - جمادى الآخرة: (١٤١٦ هـ).
(٤) أخرجه مسلم: صحيح مسلم: (٤/ ٢٠٠٧)، الحديث رقم: [٢٥٥٩]، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>